في زمن ضجيج الذكاء الاصطناعي، ماذا يعني أن تبني منتجاً ذكياً؟
تم النشر:
في زمن ضجيج الذكاء الاصطناعي، ماذا يعني أن تبني منتجاً ذكياً؟
في زمن يعلو فيه ضجيج الذكاء الاصطناعي يومًا بعد يوم، أدركت شيئًا بسيطًا لكنه جوهري: إذا لم يكن الذكاء الاصطناعي يحلّ مشكلة حقيقية، فلا قيمة حقيقية له.
في كل يوم، تمر عليّ أخبار عن الذكاء الاصطناعي من تقنية جديدة أونموذج جديد، قدرات مذهلة، وأرقام مبهرة. لكن وسط هذا الضجيج، أجد نفسي منجذبة أكثر إلى قصص الناس.
بدأت أنضم إلى مجتمعات رواد الأعمال، أستمع إلى همومهم وتجاربهم، على اختلاف أفكارهم وخلفياتهم. ورغم هذا التنوع، إلا أن هناك قاسمًا مشتركًا واضحًا بينهم في هذا العصر: الذكاء الاصطناعي يُمثّل فرصة، والسؤال الذي يشغلهم جميعًا هو: كيف نقتنصها بفكرة مبتكرة؟.
لم يكن هذا السؤال ما كان يشغلني، بل كان سؤالًا أعمق لما بعد إيجادها: كيف تنجح الفكرة؟ كيف تتحوّل من ومضة في الذهن إلى منتج ملموس يصنع فرقًا حقيقيًا في حياة الناس؟
وهنا بدأت أعود إلى نقطة الالتقاء بين التقنية والتجربة الإنسانية. لم أكن أبحث في الأكواد أو النماذج، بل كنت أبحث في المعنى. كيف نصنع شيئًا يخدم المستخدم حقًا؟ كيف نحول الذكاء الاصطناعي إلى أثر ملموس، لا مجرد استعراض تقني؟
رحلتي لاكتشاف إدارة بناء منتجات الذكاء الاصطناعي
ومن هذا السؤال، بدأت أبحث وأطّلع على تخصصات مختلفة عن تخصصي لكنها مكملة له، وشدتني دورة في بناء منتجات الذكاء الاصطناعي، حيث تعلّمت فيها الكثير. لكن دعوني أحدثكم تحديدًا عن دورة حياة إدارة المنتج.
منهجية هادئة، بعيدة عن الصخب، ترسم خارطة طريق للفكرة من لحظة ولادتها، إلى نموها، وحتى لحظة نهايتها.
فهمت حينها أن بناء منتج ناجح لا يقوم فقط على بناء النماذج وتدريبها، بل على وعي عميق بكل مرحلة. وعلى سؤال واحد لا يفارقنا:
هل ما نبنيه يُحدث فرقًا؟
خلال رحلتي في التعلم، تعرفت على سبع مراحل أساسية يمر بها أي منتج حقيقي. كل مرحلة كانت بمثابة اختبار لصدق الفكرة واستحقاقها للنمو.
التصور
المرحلة الأولى هي التصور. وهنا تبدأ الأسئلة: هل هناك مشكلة حقيقية؟ هل هناك من سيستخدم هذا المنتج؟ هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث فرقًا هنا؟ هذه المرحلة ليست واضحة، بل مليئة بالغموض والتفكير العميق.
التخطيط
ثم تأتي مرحلة التخطيط. نبدأ بترجمة الفكرة إلى خطة. من هو المستخدم؟ ما الوظائف الأساسية؟ كيف سنبني هذا المنتج؟ كيف سنطرحه؟ إنها لحظة تحويل الرؤية إلى خطوات عملية.
التطوير
ثم ننتقل إلى مرحلة التطوير، حيث يبدأ الفريق في العمل الفعلي: تصميم النظام، تدريب النماذج، اختبار الأداء، وتجربة المستخدم. كل خطوة تقربنا من رؤية المنتج مكتملًا.
التأهيل
بعدها تأتي مرحلة التأهيل. نتوقف لنسأل: هل ما بنيناه يعمل؟ هل النموذج دقيق؟ هل يشعر المستخدم بأن هذا المنتج صُمم من أجله؟ لا يمكن إطلاق منتج دون المرور بهذا التحقق.
الإطلاق
ثم تأتي لحظة الإطلاق. لحظة نشارك فيها العالم ما بنيناه. لحظة مليئة بالترقب والحماس والخوف أحيانًا. نحن لا نطلق منتجًا فحسب، بل نبدأ علاقة حقيقية مع المستخدمين.
النمو
لكن القصة لا تنتهي هنا. فمرحلة الدعم والتطوير تبدأ بعد الإطلاق. نراقب التفاعل، نحسن التجربة، نستمع للملاحظات، ونطوّر على ضوء ما نتعلمه.
التقاعد
وأخيرًا، تأتي مرحلة التقاعد. كل منتج له عمر، وقد يأتي الوقت الذي نحتاج فيه إلى إنهاء رحلته. سواء بسبب تغير السوق أو انتهاء الحاجة أو ظهور بدائل أفضل، يجب أن نخطط للنهاية كما خططنا للبداية، بمسؤولية واحترام للمستخدم.
ما تعلمته في هذه الرحلة شجعني على الإبحار أكثر لفهم المحيط الذي يمكننا من خلاله توظيف الذكاء الاصطناعي لبناء منتجات ذات أثر حقيقي. منتجات تخدم الناس، تسهل حياتهم، وتخفف من أعبائهم. نحن لا نحتاج فقط إلى منتجات ذكية، بل إلى منتجات واعية. منتجات تنطلق من فكرة صادقة، ومن سؤال بسيط:
هل هناك مشكلة حقيقية ويتطلب حلها الذكاء الاصطناعي؟
رحلتي في التعلّم لم تنتهِ، بل بدأت للتو. من الحين للأخر أود مشاركتكم لنقاط أخرى استوقفتني.